نحن البشر
غريبة طباعنا وأفكارنا٬ فالبعض منا يتلذذ عندما يتناول الأطعمة الحارة التي تذرف
دموعه٬ والبعض الاخر يستمتع وهو يتألم من الأحمال الثقيلة أو من ممارسة رياضة
عنيفة٬ ولكن لماذا هكذا نحن؟ لماذا نفعل
ذلك بأنفسنا؟٬ أليس لأجسامنا حق علينا لكي نصونها؟ على سبيل
المثال: قرر جيسون مكناب بأن يلعب مع الخصم الذي عرف بأنه يسبب أزمة قلبية لمن يواجهة٬ ويسبب الموت
للبعض الاخر ٬ وقبل الجولة تناول مكناب عدد كبير من قرون الفلفل٬ ويقول : "
شعرت كما لو كان فمي مملوءا بدبابير تلدغني جميعا في وقت واحد. صراحة٬ كان ذلك
أشبه بجحيم بكل معنى الكلمة".
ولكن هل من
المعقول أن يفعل المرء في نفسه مثل ما فعل مكناب؟ الفلفل الذي تناوله مكناب تزيد
شدة حرارته عن مليون وحدة من السكوفيل وهو وحدة لقياس حرارة طعم الفلفل الحار.
الطبيعة فيما يخص الألم والنشوة عكس ما فعل مكناب
الفطرة والنشأة
الطبيعية تقول عكس ذلك٬ الفطرة لا تميل أبدا للألم وانما تبحث دائما عن الأمان٬
لذلك يمكننا أن نقول أن الأنسان الطبيعي لا يمكن أبدا أن يفعل في نفسه مثلما فعل
هذا المجنون مكناب لأن طبيعة مكناب بحثت عن النشوة الناجمة عن الألم وهذا غير
طبيعي. الطبيعي ان يبحث الشخص عن الامان والراحة في كل التعاملات وليس العكس.
هل الألم مرتبط بالنشوة؟
أولا: أي أنسان عندما يشعر بالألم يفرز جهازه العصبي تلقائيا
مادة تعرف باسم ( الأندورفينات) وهي تساعد على وقف الألم٬ وفي نفس اللحظة تخرج
مادة مثل المورفين لتثير مشاعر النشوة وكأن حقا الألم أحساس مرتبط بالنشوة٬ ولكن
هذا لا ينفي وجود ألم شديد.
ثانيا: أيضا عند ممارسة نوع من الرياضة الشاقة يتم
افراز مادة تسمى (الأنانداميد) وهي تتفاعل مع مستقبلات القنب في المخ وتعمل على
تسكين أي ألم.
ثالثا: هناك أمر ﺁخر يثير النشوة على الرغم من أنه شديد الألم
وهو ما عرف عند أجدادنا ب"نشوة العداء" وهو مطاردة العدو والموت
في سبيل القضاء عليه٬ وهذا الأمر حدث على مر العصور وخاصة في الحروب لأن الشعور
الذي يأتي بعد الألم هو شعور بالفخر والانتصار.
رابعا: انتظار الفوز او الربح قد يجعل الشخص يتحمل الالم الذي
قد يتعرض له، تماما مثلما يفعل المصارعين ومحترفي الملاكمة وغيرهم من أصحاب
الرياضات العنيفة.
هل هناك ألم ممتع وألم مؤلم؟
هذا الأمر
تم توضيحه من خلال نظرية سميت باسم "المازوخية الحميدة": وهذه النظرية تؤكد
أن المرء يتلذذ عند التعرض للضرب و الاهانة ولكن بدون أضرار بالغة٬ وهذا الأمر لا
ينطبق أبدا على الحيوانات.
وبالتطبيق
على مثال الفلفل الحار: فان الأطفال لا يتناولوا الفلفل ولكن يحاولوا الاستمتاع به
من خلال تجربته مره تلو الاخرى٬ وكأنهم يهيئوا أنفسهم للشعورة بالألم والنشوة في ﺁن
واحد٬ ولكن الأنسان يلتهم الفلفل وهو يعرف ان ما به لا يضره ضرر بالغ لأن مادة
"كابسيسين" غير ضارة وبالتالي الألم الذي تسببه هذه المادة وقتي.
كل هذه
الأمثلة تؤكد أن الأنسان يميل أحيانا للشعور بالألم ولكن الألم الأمن٬ الألم
الوقتي٬ ولكن لا اعتقد أن الأنسان بامكانه أن يعرض نفسه لبعض الألام المبرحة التي
تترتب عليها أضرار ﺁخرى بالغة٬ الا ﺇذا كان مختل عقليا٬ وحتى ما فعله مكناب لا يعد
جنونا لأنه يعرف حجم المخاطرة لأن الخوف صفة فطرية عند كل أنسان ولكن الخوف درجاته
متفوته٬ وهذا التفاوت هو الذي خلق لنا شخص جبان وشخص ﺁخر مثل مكناب
الغريب فيما
تناولناه أن الحيوان لا يميل أبدا لتجربة أمر قد يؤلمه وكأنه يعرف مصلحته أكثر من
الأنسان الذي منحه الله العقل لكي يفرق بين الصواب والخطأ٬ فلماذا نؤذي أنفسنا ونعرض
أجسامنا للألم دون مبرر؟ هل هذا طبع الأنسانية المعاصرة؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق